الرواية جديدة في الشكل والمضمون. أولا من حيث الشكل أنت كقارىء مشدود من البداية الى النهاية إذ إنها تتكون من حوالي 400 فقرة مرقمة بعضها بطول صفحتين وبعضها الآخر لا يكمل سطرا واحدا وقد شعرت بحكم خلفيتي العلمية كأن هذه الفقرات هي جزيئات معلقة في سائل تتحرك جيئة وذهابا في جسم السائل لتقترب رويدا رويدا من تكوين جسم واضح داخل هذا السائل وهذا يحدث في الكثير من التجارب العلمية في كليات العلوم والطب عندما تتكاثف الجزيئات بسبب التغير في كيمياء السائل أو في درجة حرارته…………… أو كأنها ذبذبات ضوئية على شاشة تزداد كثافتها – أي يزداد عدد وحداتها في الحيز المتاح المحدود – حتى تنجح هذه الذبذبات في تكوين صورة…………. إذ تتحرك أحداث الرواية جيئة وذهابا بين الماضي الذي يقع في السبعينات والتسعينات وبين الحاضر الذي يقع في العام الأخير 2012 نفس هذه الحركة المتذبذبة للجزيئات……………. وتقع أحداث الرواية في مجموعة من الأماكن التي يتكرر ورودها مثل البيوت التي سكنت فيها شخصيات الرواية والمقاهي التي كانوا يترددون عليها وهكذا نقترب بالتدريج من لحظة ظهور جسم الرواية قرب نهاية العمل ………………ثانيا من حيث المضمون يمكن اعتبار أن البطل الحقيقي أو الشخصية الرئيسية في هذا العمل هو نايف – طالب في نهائي كلية هندسة ثم مبرمج كومبيوتر – وهو صديق يوسف الراوي ويكتمل الثالوث بصديقهما المشترك الذي يسميه الراوي باولو رغم أنه مصري من أصول ريفية كان يدرس في الأزهر ثم أصبح مصورا في الأهرام ويكلي…………..ورغم ما في العمل من أحداث وشخصيات حقيقية الا أن ما يضيف حقا الى جاذبية الرواية هو أن بعض هذه الشخصيات تحتفظ بأسمائها الحقيقية وبعضها الآخر يستعيض الراوي عن أسمائهم الحقيقية بأسماء مزيفة فتظل طول الوقت تلعب مع المؤلف هذه اللعبة: عمن يتحدث هنا؟………….. تبدأ الرواية بتأسيس جماعة التماسيح للشعر الحر في يونيو 1997 وهو بالصدفة البحتة نفس اليوم الذي تقرر فيه أروى صالح وهي من أعضاء الحركة الطلابية في أوائل السبعينات – وتسميها الرواية رضوى عادل – أن تنهي حياتها بالانتحار قفزا من الدور الحادي عشر وكانت في السادسة والأربعين من عمرها ويقابل المؤلف هنا بينها وبين فتاة أخرى كانت قد قررت الانتحار بشكل مختلف عندما وضعت صورتها عارية على الفيس بوك وهي علياء المهدي وقد وضع المؤلف اسمها الحقيقي………….. الى جانب اهتمامهم بالشعر ينشغل الأصدقاء التماسيح الثلاثة باصطياد كل الكائنات الثديية الصغيرة التي تقترب من نبع الماء وكما هو جدير بكل التماسيح يتم التهام تلك الكائنات الثديية الصغيرة خاصة من تلك الكائنات التي تنشغل بالفن التشكيلي والأدب والشعر الحر من التي تطلق على نفسها بعض الأسماء الكودية من نوع قمر/مون أو نرجس أو صبا……………..بالاضافة الى ذلك هناك قصة الصراعات الخفية والمعلنة بين الأجيال المتتالية من الشعراء المصريين الأحرار خلال ما يقرب من نصف قرن منذ الستينات وحتى الآن………….. أما جسم الرواية فيتعلق بتلك المعجزة التي حدثت لجيم موريسون مغني فرقة الدورز الأمريكية إذ إنه أثناء وجوده في صحراء أمريكا سنة 1965 دخل الى خيمة هنود حمر ليجد نفسه فجأة في سنة 1971 داخل شقته الباريسية التي كانت لا تزال في علم الغيب وتقوده فيها قدماه الى الحمام ليشاهد فيها جثته ميتا قبل موعد موته بست سنوات …………ويحدث هنا تقابل بين هذه الصورة وصورة أخرى لنايف الذي يموت في حادث سيارة وهو في الخامسة والعشرين من عمره الا أنه قبل وقوع الحادثة ينظر الى مقعد السيارة المجاور له ليشاهد جالسة عليه جثته هو نفسه…………….. كان نايف مشغولا منذ سنوات بترجمة قصائد الشاعر الأمريكي جينبزرج يتحدث فيها عن الأسد الذي ظهر له في شقته بنيويورك فإذا بنايف يتخيل هو الآخر ظهور أسد في شقته بالزمالك………. وهكذا يتركنا المؤلف حائرين فيما يتعلق بالاجابة على السؤال: هل كان نايف مصابا بفصام في الشخصية/ شيزوفرينيا؟
