.
السؤال ليس عن الإسلاميين، السؤال عن الإنسان المصري والذهنية المضادة لمفاهيم أساسية مثل الواقع التجريبي وخصوصية الفرد وأولوية المحتوى على المظهر (الواقع على الخطاب) ثم المسئولية الأخلاقية أو ضرورة المساءلة؛ وكلها مفاهيم غائبة بالقدر نفسه عند النشطاء والمؤرخين والمثقفين و”العلمانيين” عموماً فضلاً عن الشخصية “الوسطية” المطروح التصالح مع حقارتها كحل نهائي للشقاق و”الاستقطاب”. السؤال عن وظيفة هذه الذهنية في تعطيل القدرة على تخيل واقع أفضل بدلاً من الاعتذار عن رداءة الواقع؛ وبحجج من قبيل الهوية والنهضة والمقاومة والكرامة والثورة، حرمان أصحاب الخيال من تخيل الممكن… وهو بالضبط ما يفعله التدين المنتشر بما يجعل للإسلاميين قيمة حتى حين يكون الشخص المتدين ضد الإسلام السياسي وغير واع بأن ثمة علاقة بينه وبين تدينه
أحداث العامين المنصرمين لم تكشف خواء ولا جدوى الحراك السياسي في ضوء القصور الذهني والأخلاقي لنخبته فحسب، لقد فضحت – وهذا الأهم – حدود طلائع المجتمع على مستوى الجيل والوعي والمعرفة: براثن الطائفة والحنجرة والبطولة والتباسها بمفاهيم الحق والواجب والصواب؛ إنه من قبيل العته المطلق أن تسعى إلى “إسقاط النظام” وأنت لا تملك حلاً لمشكلة المرور
لم يعد هناك مجال للتساؤل أو الاستغراب: مبرر وجود اليسار والنشطاء بل وربما الثورة نفسها هو التخديم على الإسلام السياسي؛ إنكم تدافعون عن ما كنتم تبشرون به، وستذكر مرويات المستقبل أن قلوطاً عملاقاً جرح شرج العالم لكنها لن تذكر الملينات
.
.
لو كانوا جابولك قطيع خراتيت يحكم وبيستفتوك على دستور الخرتيت، كان زمانك برضه بتقول ديمقراطية… يا وحيد القرن
هل إنت مقتنع بجد – وبعد كل اللي شفته – إن تصويتك بلا ممكن يمنع الإخوان من تمرير دستورهم؟ وهل إنت شايف بجد برضه إن “تدخل الجيش في السياسة” أخطر أو أسوأ من اللي إحنا رايحينله (واللي هو حصل برضه نتيجة اللي إنت كنت مقتنع بيه وشايفه طول الفترة اللي فاتت)؟ طب عمرك خطرلك ولو على سبيل الشطحان يعني إنك تتحمل مسئولية اللي إنت بتقوله؟ تصدق يا أخي إن أنا بأفكر أصوت بنعم انتقاماً من أشكالك
.
.
وذات ليلة في غفلة من رفاق السلاح
يحمل الجندي متاعه ليرجع إلى البيت
يعلم أن المعركة مستمرة
أن القذائف لا تزال
تصنع من المدن فساقي
لكنه ما عاد يفهم ماذا يعني الانتصار
القرف الذي كان موجوداً، كان موجوداً
والجثث المتراكمة في الخرابات
لا تختلف كثيراً
عن أجساد أصحابها الحية في الميادين
ثم إن الفرحة فتاة أنجبتها امرأته
كذرة التراب في الهواء
فتاة سيهديه إلى مكانها
ما بقي في كشافه من إضاءة
